لا يصح دليل في التلفظ بالنية
سئل فضيلة الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني السؤال التالي :
هل صح الجهر بالنية في الصلاة بدليل شرعي أو أثر محكي عن السلف وهل صحيح أن التلفظ بالنية في الصلاة من الأمور التي اختلف فيها العلماء ؟
فأجاب فضيلته
لا يصح دليل في التلفظ بالنية لحديث النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ([1]) لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى([2]) يوشك([3]) أن يرتع([4]) فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة([5]) إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "([6]).
ولو كان التلفظ بها مشروعًا لعلمه النبي عليه الصلاة والسلام الرجل المسيء في صلاته ولكن ما علمه التلفظ بها وإنما قال له كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا : "إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعًا ثم ارفع حتى تعدل قائمًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا وافعل ذلك في صلاتك كلها"([7]). ولم يقل له إذا قمت إلى الصلاة فقل نويت أن أصلي صلاة كذا وكذا .
فيجب الالتزام بالسنة في جميع أحوالها لأن الإعراض عنها سبيل للزيغ والضلال لقوله تعالى: " فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ([8]) أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "([9]) .
فالحاصل أن التلفظ بالنية في الصلاة كقول الرجل نويت أن أصلي كذا وكذا لا يجوز والتلفظ بها من الأمور المبتدعة في دين الله, وليست هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها سلفنا الصالح أو أهل القرون الثلاثة بل هي من المسائل التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا؛ في كون المشروع عدم التلفظ بالنية والله المستعان .
المصدر : السؤال السادس عشر من المنتقى من الفتاوى للشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني
([1]) أخذ حذره قبل أن يدخل في الأمر, ومن البراءة أي برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه لأن من لم يعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه, حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي وصان عرضه عن كلام الناس فيه, بالغ في براءة دينه من أن يختل بالمحارم وعرضه من أن يتهم بترك الورع.
([2]) المحمي من الأرض.
([3]) يقرب.
([4]) تأكل أنعامه منه كما تشاء.
([5]) قطعة لحم قدر ما يمضغ.
([6]) أخرجه البخاري في صحيحه[كتاب الإيمان, باب فضل من استبرأ لدينه(1/28 رقم 52)], ومسلم في صحيحه [كتاب المساقاة, باب أخذ الحلال وترك الشبهات(3/1219 رقم 1599)] كلاهما من حديث النعمان بن بشير.
([7]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب صفة الصلاة, باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر ومايجهر فيها وما يخافت(1/263 رقم 724)], ومسلم في صحيحه [كتاب الصلاة, باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وأنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها(1/298 رقم 397)] كلاهما من حديث أبي هريرة.
([8]) بلاء.
([9]) سورة النور, الآية (63).