ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون /سورة الحجر / الاية 97
--------------------------------------------------------------------------------
** و لقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون
وردت هذه الآية الكريمة في أخر سورة الحجر التي عرضت طرفا من مواقف الأمم من أنبيائهم و منهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
يقول الله تعالى لنبيه أننا نعلم انك تشعر بالحزن و الألم بسبب كفر قومك و يضيق صدرك بسبب ما تسمعه من شرك بالله و تكذيب بالقران .
إن الرسول يعد أنموذجا للداعية الحي المتفاعل مع دعوته فهو صلى الله عليه وسلم بشر يحزن إذا اعرض الناس عن دعوته و يفرح إذا امنوا و هو كذلك يغار على دينه لان الغيرة علامة على الإيمان و التفاعل و من مظاهرها ضيق الصدر الذي أشير إليه في مواطن أخرى من القران بقوله تعالى : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات )و في قوله تعالى : ( فلعلك باخع نفسك على أثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) .
كل هذا يؤكد حقيقة اكبر و هي تفاعل الرسول صلى الله عليه و سلم مع الأحداث الذي كان يترجم بالألم و الشعور بالحسرة و بخع النفس و هو مايشبه قتلها كل هذا من النبي الكريم المؤيد بالوحي و المتيقن بنصر الله تعالى و ما ذكرناه مؤثر واضح على التفاعل و المعايشة و حمل الهم و الشعور بعظم المسؤولية .
إن المسلم اليقظ الذي يترسم خطوات نبيه و يسعى إلى تمثل منهجه صلى الله عليه و سلم مطالب بان يعرض نفسه على هذا المسلك النبوي .
إن ما أشارت إليها الآيات الكريمات يعد مقياسا لكل مسلم يقيس من خلاله مدى إيمانه و قوة تفاعله و مساحة معايشته لهذا الدين .
فهل يشعر المسلم بضيق الصدر إذا نيل من الثوابت ؟ هل تغمره الحسرة و هو يرى جموع الهالكين تعرض عن هذا الدين ؟هل يكاد المسلم يقتل نفسه ألما و حزنا على ما يرى من كفر صريح و إعراض عن الحق ؟
إذا رأى المسلم في نفسه هذه المظاهر و الإعراض أو بعضها فانه على خير و يسير في الاتجاه السليم و إذا بحث في نفسه فلم يجد شيئا من هذا يخشى أن يكون ميت القلب فاقد الإحساس و عديم المسؤولية .
و ليحذر من كانت هده حاله فقد ورد في الحديث أن الله تعالى أمر الملائكة بتدمير قرية و إهلاك أهلها بسبب معاصيهم فقالت الملائكة : يا رب إن فيها عبدك فلانا لم يعصك أبدا . فقال لهم الله تعالى : به فابدؤوا فان وجهه لم يتمعر في قط . أي لم تظهر عليه علامات التي سبقت الإشارة إليها و هو يرى الكفر و المعاصي و الإعراض أي لم يضق صدره و لم تذهب نفسه على ذلك حسرة و هنا يكمن الهلاك من حيث لا يشعر الكثيرون .
** ان شانئك هو الابتر
هذه الآية الثالثة و الأخيرة من سورة قصيرة في مبناها عظيمة في معناها افتتحت بقول الله تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه و سلم (إن أعطيناك الكوثر) و الكوثر هو الخير الكثير العام و هي من صيغ الأسماء الجامدة مثل الكوكب .
من هذا الخير الكثير الذي لا حد له نهر في الجنة أعطاه الله تعالى لرسوله وردت أحاديث صحيحة في وصفه . ثم جاءت الآية الأخيرة ( إن شانئك هو الأبتر ) و سبب نزولها انه لما مات عبد الله ابن الرسول صلى الله عليه وسلم و كان قد مات قبله ابنه القاسم قال العاص بن وائل صار محمد ابتر بموت أولاده من الذكور فلن يخلد ذكره بموت ولده فانزل الله تعالى هذه الآية ترد مقولة هذا الكافر و تؤكد بأسلوب بلاغي حكيم أن الأبتر هو من يبغض الرسول صلى الله عليه و سلم .
و الأبتر هو المقطوع بعضه و أصل هذا الوصف للدواب التي قطع ذنبها فشبه من يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم بالدابة الشاذة و حقيقة المعنى انه زال منه ما فيه من خير و أصبح هذا المبغض للرسول شرا كله .
نعم و ألف نعم إن مبغض الرسول هو المقطوع ذكره الخالي من الخير الشاذ بين الناس أما الرسول فما عرفت البشرية رجلا أشهر و لا أعظم منه منذ ادم إلى قيام الساعة .
لقد دلت الإحصائيات التي تقوم بها المؤسسات الدولية أن اسم محمد هو أكثر الأسماء شيوعا في العالم الإسلامي و أن المتأمل في الأذان و في تباين أوقاته في الكرة الأرضية ليعلم علم اليقين انه لا تمر دقيقة واحدة إلا يذكر فيها اسم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرونا باسم الله تعالى.
نوضح هذا على النحو التالي في اليوم 24 ساعة و في الساعة 60 دقيقة و يوجد 360 خط طول
وهذا يعني انه بين كل خط وخط 4 دقائق و هو ما يعرف بفرق التوقيت و مدة الأذان تقريبا 4 دقائق و هذا يعني بكل بساطة أن اسم الرسول يذكر عاليا كل دقيقة على مدار الزمن .
لقد صدق الله حين قال لرسوله صلى الله عليه وسلم ( و رفعنا لك ذكرك ).
ثم نرى أمام هذه العظمة من البشر من هو على هيئة الدابة المقطوع ذنبها يتطاول على مقام النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .
اللهم ارزقنا محبة عبدك ورسولك محمد
اللهم توفنا على ملته
اللهم احشرنا في زمرته
اللهم اسقنا من حوضه
اللهم اجمعنا به في جنات النعيم